***

 

 

ظن أن القسمة ستكون حسابية صارمة طبقا لشروط الاتفاق الذي أبرمه مع مالك القطيع منذ سنة خَلَت.. إذ سيحصل على الخُمُس من الخرفان.

ظفر بأربعة عشر رأسا بعد أن استفاق مذعورا في صباح إحدى الأيام على ثغاء الخِراف الذي ملأ فضاء الزريبة التي ينام جنبها ككلب حراسة. اكتشف بحاسة الراعي العارف بدقائق رعيته، الغياب المهول لكل الخراف التي حافظ عليها كما يحافظ الكلب على جِرَاه.

لاحظ آثار الشاحنة أمام الباب الخلفي المفتوح على منزل المالك، ففطن إلى اقتياد القطيع إلى السوق.

ليست هناك لحظة أشقى من إدراك الإنسان لعجزه التام لحظة الانتفاض!

غطى رأسه بِقُبِّ الجلباب ناسيا قارورة اللبن التي وضعها به دون أن يحكم إغلاقها. سَالَ السَّائِل الأبيض فوق رأسه، انمحى كما تنجلي ألوان فنان تشكيلي حاول أن يرسم لوحة تجريدية تحت وقع الأمطار!

جلباب يذكره بمأساة مغادرة زوج أمه لها، وتزوجه من امرأة تنتمي إلى قبيلة مجهولة قصدها دون أن يخبر أحدا. ظلت تنتظره وتترقب أخباره إلى أن مَلَّت تلك الحكايات الملفقة التي ينسجها الشامتون. أضناها الانتظار اليائس. فقدت بصرها من كثرة البكاء والكمد والفراق.

 

 

***