***

 

 

كانت تنتصب على الجانب الأيسر من القرية رگُوبَةٌ* تشبه مثيلاتها في صحاري سييرا نيڨادا، الواردة شعابها في أفلام الويستيرن المجيدة بفنها، المقيتة بإيديولوجيتها... يتسلقها الولد وسط النهار كما يتسلق بطل فيلم "AMARCORD" للعظيم فيليني، شجرة ملساء مماثلة، إذ يصرخ بأعلى صوته من عليائها: "أريد امرأة.. أريد امرأة".

لا يريد الولد امرأة، ولكنه يرغب في أن يسترق لحيظات متعة جميلة يرصدها كما يرصد نسر في السماء طريدته.. يرى الفتاة حليمة تتبول.. وما أدراك ما بول حليمة؟! كانت ترمي سروالها جانبا، وتضع خفيها جانبا، وتضع آنية الماء جانبا، وتهز ثيابها فوق رأسها.. ويبدأ الضُّرَاطُ والفساء والبول.. أصوات ورياح وروائح وأهواء... والرجل فوق الشجرة يتوهم الأصوات، يتشمم الروائح، ويرى البياض والسواد والحمرة... كان يرى شيئا ما ينزل منها، لولبي الشكل، يشبه الثعبان الأسود.. فيقول مخاطبا نفسه:

- وا انْزَلْ ألَهْبِيلْ.. وَرَانِي خَايَفْ عْلِيكْ...

 

 

* اسم يطلق على السِّدْرَة الضخمة، والمرجح أنها تعود إلى المَرْقَبة، وهي المَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه مَراقِبُ. وقال أَبو عمرو: المَراقِبُ: ما ارتَفَعَ من الأَرض (لسان العرب).. إلا أن " رگُوبتنا" هنا بمثابة برج المراقبة بالقرية.

 

 

***