***
دخل من بوابة الحانة وكل وساوس التسمم، وأصوات الكلاب والقطط والحمير والبغال تتناغم في جمجمته. انتبه إلى الاختفاء المتوالي لجلها من شوارع المدينة(؟). كان محيط عربات ما يشبه الأكل مملوءا ببعضها. كان الباعة والزبائن أسخياء معها. كانوا يساهمون في تسمينها. ما أرخص الوجبة هنا وما أسخى البائعين! اللحم المطحون و"الصُّلَع" والنقانق والكباب موجود بكميات وافرة وهناك زيادات لمن لم يشبع ومحفزات للزبائن!
في الحانة يضع الناس أرجلهم على صناديق كاملة من الجعة. آخرون يشربون قنينات الـ"4/3" كْرِيرُو (مباشرة من فم القنينة - كَرَّة واحدة - كما تشرب المونادا)! آخرون يضعون قنينات داخل الأكياس التي توضع فيها الحبوب. تخالها وهي مُحْكَمَةُ الغَرْزِ، مُتَرَاصَّةُ المحتوى، كِيسَ قوالبِ السكرِ الشهيرِ الذي كان يهديه الناس في الأعراس والحفلات والعزاء لبعضهم البعض...
كرع إلى أن امتلأت ساحة طاولاته بالقنينات الخضراء. يهز رأسه فيتراءى له شبح السينما برأس القط.. الناس برؤوس البغال والحمير.. خضخض رأسه الذي أحس بثقله يتضاعف. لمسه مرات عديدة. شك في شعره. شَعْرٌ أم شِعْرٌ؟! أهو ذاته أم الشاعر؟ شاعر السينما أم الشاعر الوريث البائع المهدم؟! أمسك رأسه بعنف. رأس تتعاظم ضخامته. أصدر صوتا قويا كي يتأكد من صوته البشري. رأى من حوله: نهيق، صهيل، مواء، نباح... رؤوس ضخمة تشرب. الأحمر والأخضر في كل مكان. هل يشرب أم يرعى؟
- عُووووقْ.. مِيييييييوْ.. حَنْحَنْحَنْحَنْحَنْحَنْ.. عَبْعَبْعَبْعَبْعَبْ...
***