***

 

 

انسل متجاوزا الحائط الفاصل بين الزنقة وبيت فاطمة. يظهر من حركات أصابعه وتمويهات جسده تردده المبدئي. عزم وسار على رؤوس أصابع رجليه. خطوة خطوة. يراقب حركاتها وهي تغسل الأواني. اصطدمت رجله بشيء ما أحدث ضجيجا خفيفا. هزت رأسها تجاه مصدر الصوت. التصق بالحائط. ظن أنها رأته. جعل عينه اليمنى في ثقب صغير بالحائط. ما الذي يرى؟ بدأ جسده يتفصد عرقا. صدر أبيض كحليب التين. نهدان بحجم الخوخ البلدي. تراجع بعض الشيء نحو الوراء. رفع عينيه نحو السقف. ظهر بياضهما الذي يشبه شحم نعجة سمينة. جعل عينه في الثقب مرة ثانية. تراجع بسرعة. امتقع لونه. كلبان يهرولان تجاه مكان اختبائه. يكشران عن أَنْيَابٍ كالخناجر. لا شك أنهما أدركا رائحة غريب في البيت. إنه يعرف الكثير عن طبائع الكلاب. كَيَّفَ حركات رئتيه كي تساير إيقاع خطواته الخفيفة المتراجعة نحو الخلف. أصبح دون وزن تقريبا! كاد أن يتحول إلى ما يشبه التمثال!

دخل الكلبان البيت. أصدرا صوتا هجوميا:

- هَرْرْرْرْ.. هَوْهَوْ.. عَبْعَبْ..

بدأ بإقناعهما بالتراجع:

- تُّو.. تُّو.. آجْ.. آجْ...

خففا من نزعتهما العدوانية. دنا منهما. رَبَّتَ على ظهر أحدهما. دنا منه الآخر. عامله بنفس الطريقة. انسحبا لاهثين على التوالي وكل واحد منهما يرفع ذيله محركا إياه إعلانا عن الألفة والتآلف.

رأى عُشَّ حَمَامٍ بالبيت. استعان بأثافي موقد مهجور كي يصل إليه. زاغت إحداها. لم يذكر شيئا بعد ذلك!

 

 

***