***
يجتمع الأطفال قبل الغروب بساحة القرية. يلعبون في اختلاط تام. يقلدون الكبار والحيوانات. يغنون أغاني "الشيخات" و"عبيدات الرما". يتقمصون دور العريس والعروس. يرقصون سواسية.
في إحدى لحظات العرس الطفولي. وصلت لحظة الدخلة. رسم الأطفال للابن (العريس) وعروسه (فاطمة) بيتا على الأرض. وضعوا فيه فراشا. أدخلوه على التو. بدأ الأطفال يرددون أغنية الانتظار:
مْشَى الليل أو جَاتْ ليالي
واه أبابا
صورتك ديما في بالي
واه أبابا
ادِّيهْ أو جِيبُو
واه أبابا
كُلْهَا يْعَنَّقْ حْبِيبُو
واه أبابا
بدأ العريس يداعب عروسه تمهيدا لجعلها تستلقي على ظهرها. ارتمى أبوها عليهما كما يرتمي القط على الفأر. جرهما وأصواتهما تتعالى وتبتعد.
ربطهما الأب ببيت التخزين. أشعل النار في كومة من نبات الغَاسُولِ البري وهو لم ييبس بعد. يتكاثف الدخان. يتصاعد البكاء والاختناق. تسللت أم فاطمة التي كانت تزور أهلها إلى البيت بعد انصراف الأب إلى المسجد لأداء صلاة المغرب. أطلقت سراح العروسين وألحت على عدم الاعتراف. خرجت ما دام قد نفذ احتجازه في غيابها. إذا وجدها في المنزل فتحل مكانهما بالتأكيد. سيتهمها ولو كانت بريئة! كان قد حبسها ليلة كاملة في إسطبل بغله الذي مات منذ تسع سنوات تقريبا.
***