***

 

 

استفاق العائد إلى القرية على صوت زياد الرحباني وهو يردد:

 

أنا مش كافر.. بس الجوع كافر
أنا مش كافر.. بس المرض كافر
أنا مش كافر.. بس الفقر كافر والذل كافر
أنا مش كافر لكن شو بعملك
إذا اجتمعوا فِيِّي كل الإشْيَا الكافرين
أنا مش كافر...

 

استعاد صدى حلقات الجامعة حين كان زعيما طلابيا ينتصر للمصلحة الطلابية ويُنَصِّبُ نفسه شارحا لـ"البيان الشيوعي" و"الإيديولوجيا الألمانية".. مستنسخا لأوراقها، محافظا على سريتها، معتقدا في صلاحيتها لتفسير واقع استعصى على التفسير. خبت عاصفة الثورة فيه. قتلتها فيه البيروقراطية. مكتبه بارد كالصقيع. يسير بالتعليمات ويتوقف عند التعليمات وبفعلها. تحول إلى مجرد آلة بيروقراطية تنفذ. يسحب أجره من المخدع الأوتوماتيكي. يرتكن إلى زاوية في بار غير صاخب. يشرب. يتأمل. يكتب.. ولا ينشر. لا يؤمن بقيمة ذلك ما دام الناس يتعلمون القراءة والكتابة من أجل أن يصبحوا موظفين.. ها هو اليوم موظف.. وماذا بعد ذلك؟!

 

 

***