***

 

 

يتطلع إلى تكرار تلك اللحظات الهاربة التي كان يحمل فيها رفقة صديقه "قارئ الأشرطة الصوتية" وهما ينفخان جيوب سراويلهما الدجينزية بالكاسيط فيتجولان في كل مكان تاركيْن أثر النَّغَم يتشظى ويتلاشى في الفراغ.

يتسليان بذكر حكاية أصابع الأخ الأكبر لحيمود حين كان يشتغل بدار الدباغ بمراكش: كانت أصابع يديه ورجليه تأخذ كل يوم لونا.. وما بالك بأعضائه الأخرى التي كانت تتدلى كما كان يتدلى الباذنجان في الجنينة المجاورة للمنزل قبل غزو الحَرِّ لكل بَرٍّ؟!

لم تكن تسعفهما إلا الموسيقى للانسجام مع ليل البادية الوضَّاء وسكونها الرهيب وفراغها الممتد.. الموسيقى قد تحتاج إلى كل هذا وربما هذا أصلها!

ساهمت الموسيقى في اجتثاث فكرة الانتقام من عمه الذي استغل يتمه المبكر رفقة أخيه فسطا على كل شيء.

الموسيقى أيضا سطو على المنسجم من الأصوات في الطبيعة.

كافح الأخ الدّباغ من أجل الأخ الأصغر كي يقرأ ويشتغل.

ربما! قد يعود، والعود محمود، عله يتذكر صديقه والروائح الأولى التي استنشقتها خياشيمه مع أول صيحة أطلقها في هذه الشساعة الحمقاء. فالفرد ربما لا يستقر إلا بمكان يجد فيه بعضا مما تلاشى من ذكريات طفولته ومما يحلم به!

 

 

***